0 تصويتات
بواسطة (1.7مليون نقاط)

ما سبب معركة بدر الكبرى؟ ومتى كانت بالتفصيل الكاملة

دأبت قريش على القيام بإرسال القوافل التجارية من مكة إلى الشام، والتي كانت تمر قريبًا من المدينة التي أصبحت عاصمة للدولة الإسلامية، وقد حانت الفرصة لتأديب قريش على كبرها وغرورها وقد كان ذلك في معركة بدر الكبرى التي وقعت بين المسلمين والمشركين في يوم ١٧ رمضان سنة ٢هـ في منطقة بدر التي تبعد عن مكة بحوالي ۳۱۰ كلم، وعن المدينة بحوالي ١٦٢ كم، وقد سميت باسم بئر فيها يقال له بدر، ويسمى هذا اليوم ( يوم الفرقان) لأن الله فرق فيه بين الحق والباطل.

أسباب المعركة

عندما أصبح للمسلمين دولة في المدينة المنورة التي تقع طرق التجارة على ضواحيها، أراد رسول الله الله أن يحد من كبرياء قريش وغرورها، وأن يرسل لها رسالة مفادها أن دين الله يقوى ويتسع يوما بعد آخر، وأن جرائم قريش بحق المسلمين من قتل وتعذيب ومصادرة للأموال والممتلكات لن يمر دون رد. وقد خرجت قافلة تجارية لقريش يقودها أبو سفيان بن حرب متجهة إلى الشام، وكانت قريش قد عزمت أن تجعل ربع ) هذه القافلة التمويل عمل عسكري ضد المسلمين في المدينة. وفي طريق عودة القافلة إلى مكة علم النبي الله يخبرها وأنها تحمل أمو الأكثيرة لكبار سادات قريش ورؤسائها، فأخبر المسلمين بشأن القافلة، وأمرهم أن يخرجوا لها، بغرض تعويض المسلمين الذين أخذت قريش أموالهم، وتأديب قريش وفرض حصار اقتصادي عليها. ولم يكن المال هو المقصود الأساسي من الخروج، بل لأجل أن يحق الله الحق ويبطل الباطل، ويكسر كبرياء قريش من ناحية، ولتكون ضربة استباقية لإفشال خطة قريش في الهجوم على المدينة. وقد استجاب فريق من المؤمنين لهذا الأمر النبوي وكرهه فريق آخر منهم قال تعالى: كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَرِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا لَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ ﴾ (الانفال) خرج الرسول الله من المدينة في رمضان من السنة الثانية للهجرة، وكان معه من المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ، ومعهم من العتاد سبعون بعيرا وفرسان يتعاقب الثلاثة والاثنان منهم بعيرا واحدا، وكانت وجهتهم الطريق التي تسلكها قافلة قريش، وكان رسول الله الله يتعاقب بعيرًا واحدا هو والإمام علي بن أبي طالب - عليه السلام - ومرثد بن أبي مرثد رضي الله عنه، وكانا يريدان إيثاره بالركوب فرفض ذلك وقال: «ما أنتما بأقوى مني على المشي وما أنا بأغنى منكما عن الأجر». وقد كان هذا الخروج تأسيسا لعهد جديد من المواجهة مع أعداء الله.

نجاة القافلة واستنفار قريش

علم أبو سفيان بخروج رسول الله ﷺ ومن معه من المسلمين يريدون قافلة قريش، فغير أبو سفيان طريق القافلة المعتاد واتجه بها طريق الساحل غربا، وأرسل ضُمضم بن عمرو الغفاري إلى أهل مكة يستصرخهم للنفير والدفاع عن أموالهم، وما إن وصل ضمضم إلى مكة حتى وقف العلا على بعيره وجدع أنفه، وحوّل رحله، وشق قميصه وصرخ في أهل مكة قائلاً: " يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة أموالكم مع أبي سفيان عرض لها محمد وأصحابه لا أرى ، إلا أن تدركوها ، وبذلك أثار حمية قريش، فخرجت بجيش قوامه ألف مقاتل، ومائة فرس، وسبعمائة بعير. وبينما جيش قريش في طريقه لملاقاة المسلمين إذ وصل إليهم رسول أبي سفيان يخبرهم بنجاته ونجاة القافلة، وقرر بعضهم الرجوع إلى مكه، إلا أن أبا جهل اعترته حمية الجاهلية وردهم قائلاً: لا نبرح حتى نصل إلى بدر، ونقيم فيها ثلاثا، ننحر الجزور، ونطعم الطعام، ونسقي الخمر ، وتعزف علينا القيان، ويسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبد الدهر. 

وصول الرسول إلى بدر

وعد الله نبيه الله إحدى الطائفتين: إما العير القادمة من الشام وإما النفير القادمة من مكة، وكان الكثير من الصحابة يرجون أن تكون العير من نصيبهم لأن المشقة فيها قليلة، والعطايا فيها جزيلة، فواصل الرسول السيره مع المسلمين في اتجاه بدر. وأثناء سيرهم وصلت إليهم أخبار هروب أبي سفيان ونجاته بالقافلة، وخروج جيش قريش لمواجهة المسلمين، فوقف الرسول ﷺ وأخبر أصحابه بذلك، وأخذ يستشيرهم في مواجهة جيش قريش القادم من مكة بدلاً من التعرض لقافلة أبي سفيان ليتأكد من استعدادهم وجاهزيتهم لخوض المعركة. فتكلم المقداد بن عمرو فقال : يا رسول الله، امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : ﴿فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَهُنَا فَعِدُونَ ﴾ ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه فدعا له النبي الله بخير، ولكنه كان يريد أن يسمع رأي الأنصار لأنهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش، ولأن بيعة العقبة لم تكن تلزمهم بالقتال خارج ديارهم، فقال أشيروا علي أيها الناس» فقام سعد بن عبادة زعيم الأنصار، فتكلم وقال: "فامض يا رسول الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تَقَرَّ به عينك، فسر بنا على بركة الله فشر رسول الله الله بقول سعد، وأخذ يوجه المسلمين، ويرفع معنوياتهم، ويبشرهم قائلاً : ((سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم)). وقد تبين لهم من ذلك أن الله أراد لهم المواجهة مع جيش قريش ليحق الحق بكلماته، ويقطع دابر الكافرين قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَتِهِ، وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَفِرِينَ ) 

تخطيط الرسول وقيادته للمعركة

أخذ النبي الله يرتب صفوف المسلمين ويُعدهم للقتال فعقد اللواء لمصعب بن عمير رضى الله عنه وراية للمهاجرين مع الإمام علي عليه السلام وراية أخرى للأنصار مع سعد بن معاذ  رضي الله عنه وعسكر جيش المسلمين بأعلى الوادي بالقرب من آبار بدر. إلى جانب ذلك فقد أرسل النبي الله من يقوم بمهمة الاستطلاع للحصول على المعلومات الكافية عن جيش قريش وعتاده، ومعنويات مقاتليه، ومن الذي خرج من رؤساء قريش ، وعن المكان الذي وصلوا إليه. وحرض النبي الله أصحابه على القتال، وأخبرهم بوعد الله بالنصر لمن ينصر دين الله ويجاهد في سبيله قائلاً: « والذي نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل، فيقتل صابرا محتسبا ، مقبلاً غير مدبر، إلا أدخله الله الجنة» وأصدر الرسول الله توجيهاته لأصحابه ألا يهجموا حتى يأمرهم، وإذا اقترب المشركون منهم أن يرموهم بالنبل أولاً وقد قاتل النبي له بنفسه في هذه المعركة، وكان الأقرب لجهة العدو، وكانت قيادة رسول الله الله وحكمته وحسن تخطيطه للمعركة من أهم عوامل النصر في بدر، فهو نبي الله المؤيد والمُسَدَّد من قبل الله سبحانه.

بدء المعركة وانتصار المسلمين

بعد أن هيا رسول الله الله أصحابه للقتال ونظم صفوفهم وأعدهم إعدادًا إيمانيا، وزرع في نفوسهم الثقة بالله والتوكل عليه أخذ يدعو ربه قائلاً  اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه الفئة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض وبدأت المعركة بخروج ثلاثة من فرسان قريش للمبارزة وهم عتبة وأخوه شيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، طالبين المبارزة فاخرج لهم رسول الله الله ثلاثة أبطال من أهله وهم عمه حمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، فبرز حمزة لشيبة، وبرز علي للوليد، فقتل علي الوليد بن عتبة، وقتل الحمزة شيبة بن ربيعة، أما عُبيدة بن الحارث وخصمه عتبة فقد جرح كل واحد منهما الآخر، ثم حمل علي على عتبة فاردياه قتيلاً، وحمل عبيدة جريحًا، واستشهد بعد ذلك ثم التقى الجمعان، وقاتل المسلمون قتالاً شديدًا وأبلوا بلاء حسنا ميدان المعركة وقد بلغ عدد القتلى منهم سبعين رجلاً على رأسهم أبو جهل وأمية بن خلف وشيبة وعتبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة وأذل الله القوم الذين خرجوا من ديارهم بطرًا ورياء فاصبحوا ما بين قتيل وأسير وفر الباقون نحو مكة حاملين أخبار الهزيمة وبعد معركة بدر برز المسلمون كقوة مهابة في المنطقة وتأكد لهم أن الخير والعزة لا يتحققان إلا بالجهاد في سبيل الله، قال الله تعالى ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهُ لَكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ). 

المدد الإلهي يوم بدر

أخذ المؤمنون بأسباب النصر، واستجابوا لله ورسوله الله، فايدهم الله وأعانهم في هذه المعركة المهمة بعدة أمور عظيمة منها ما يلي: 

١ - ألقى الله على المؤمنين النعاس والأمنة ليلة المعركة، ليكون ذلك عونا لهم على القتال، وراحة لهم قبل الدخول في المعركة ولتقوية العامل النفسي، والاستعداد البدني قال تعالى: ﴿ إِذْ يُغَشِيكُمُ التَّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً ليُطَهَّرَكُم بِهِ، وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقدام الانتقال}. 

٢ - أنزل الله عليهم المطر ليتطهر به المقاتلون ولتنظيف الأبدان وإزالة وعثاء السفر وتعبه بالإضافة إلى تثبيت أرض المعركة قال تعالى:{ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ }. 

٣ - ألقى الله في قلوب الأعداء الرعب، وقد شكل هذا الأمر نقطة ضعف في جيش العدو، وكل ضعف لدى العدو يعد قوة للمسلمين .

٤- التثبيت والمعية الإلهية، وما أمدهم الله به من الملائكة، قال تعالى: { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِتُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَأَضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانِ }. وهذه من أعظم نعم الله على المؤمنين في بدر، وفي كل معركة يقف فيها المؤمنون الصادقون في مواجهة قوى الطاغوت وأولياء الشيطان.

نتائج معركة بدر

۱ - عزز الانتصار ثقة المسلمين بأنفسهم، وثبت إيمانهم.

٢- معركة بدر فرقت بين الحق والباطل، وأكد نصر الله للمؤمنين أن المؤمنين هم أهل الحق وأن المشركين هم أهل الباطل؛ ولهذا سمى الله يوم بدر بـ (يوم الفرقان) قال تعالى: ﴿وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾. 

٣- أصبح المسلمون قوة مهابة عند القبائل العربية واليهود في المنطقة.

٤ - انكسار هيبة قريش، وضعف نفوذها، ومكانتها بين العرب.

٥ - شجعت بعض القبائل العربية والكثير من أبناء القبائل على الدخول في الإسلام، بعد أن كانت قريش تشكل حاجزا نفسيا وماديا لهم.

٦ - فتحت الباب أمام رسول الله الله في الانطلاق بحرية في نشر الدعوة الإسلامية.

٧ - عمقت أواصر الأخوة والتعاون بين المهاجرين والأنصار، وربطتهم بالله، وعززت فيهم الثقة به أكثر.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (1.7مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
ما سبب معركة بدر الكبرى؟ ومتى كانت بالتفصيل الكاملة

دأبت قريش على القيام بإرسال القوافل التجارية من مكة إلى الشام، والتي كانت تمر قريبًا من المدينة التي أصبحت عاصمة للدولة الإسلامية، وقد حانت الفرصة لتأديب قريش على كبرها وغرورها وقد كان ذلك في معركة بدر الكبرى التي وقعت بين المسلمين والمشركين في يوم ١٧ رمضان سنة ٢هـ في منطقة بدر التي تبعد عن مكة بحوالي ۳۱۰ كلم، وعن المدينة بحوالي ١٦٢ كم، وقد سميت باسم بئر فيها يقال له بدر، ويسمى هذا اليوم ( يوم الفرقان) لأن الله فرق فيه بين الحق والباطل.

أسباب المعركة

نجاة القافلة واستنفار قريش

وصول الرسول إلى بدر

تخطيط الرسول وقيادته للمعركة

بدء المعركة وانتصار المسلمين

المدد الإلهي يوم بدر

نتائج معركة بدر

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
1 إجابة
0 تصويتات
1 إجابة
0 تصويتات
1 إجابة
سُئل نوفمبر 15، 2023 بواسطة srhelme (1.7مليون نقاط)
0 تصويتات
1 إجابة
0 تصويتات
4 إجابة
0 تصويتات
1 إجابة
منصة موقع الصرح العلمي ثقافي تعليمي تربوي يسعي لأثراء المحتوي العربي وتنوير العقول العربية بالمعلومات الصحيحة والدقيقة، كل ذلك من خلال كادر الصرح العلمي التعليمي.
...