ما الفرق بين سفر الإنسان قديما وسفره في العصر الحديث
خرجنا إلى ساحة المطار فإذا الطائرات تربض وسط الظلام متألقات وصعدنا في درج تدخل جوف طائرة عظيمة قصدت أحد مقاعدها فتهالكت عليه، وجسدي متعب من السهر وبعد لحظات سمعت صوت الباب يدفع فإذا هو يفصل بيننا وبين عالم الأرض وتراءت الأعيننا جملة مكتوبة بأحرف من نور «ممنوع التدخين، فضلاً شدوا الأحزمة» وسرعان ما شاهدت المشرف واقفاً فدنا مني في تلطف، وأخذ يعينني على عقد النطاق (۱) حولي وبقيت إلى مقعدي مشدوداً لا أستطيع البراح بدأت المحركات تدوي، وأحست الطائرة تتحرك، وترفع هامتها فإذا نحن نشق الأجواء صاعدين إلى السماء كانت الطائرة تمرق في أجواز الفضاء (۲)، وأنا ممتد على مقعدي الفسيح ذلك المقعد الطبع الوديع، فإنك بلمسة واحدة تحيله سريراً ممهدا، وبحركة خفيفة أخرى تعيده منتصباً كما كان أنفذت بصري من النافذة المجاورة، لكي استوضح مكاننا في الجو، فلمحت ابتسامة الفجر، وهي تلوح من وراء الأفق أرجعت البصر أردده فيما حولي وجدت ركاب الطائرة يستسلمون للسبات (۳)، ولاحظت اختفاء اللوح المضيء أخذ الكرى (٤) يُغالبني، وشعرت بجفني متراخيين، فتجمعت على مقعدي وأسلمت نفسي لنوم عميق أيقظني صوت يقول أتينا بعد دقائق، وإذا اللوح المضيء يعود مرة أخرى، فامتدت يدي إلى النطاق أشده، والفيت أشعة الشمس وقد تسللت من النوافذ تعبث بنوم النائمين نظرت في ساعتي فألفيتها الثامنة صباحاً ها هي الرحلة تنطوي في ساعات قليلة، وتوشك الطائرة أن تصافح الأرض.