0 تصويتات
في تصنيف تعليم بواسطة (1.7مليون نقاط)
أبو الطيب المتنبي مولده أصله نسبه قصة حياته كامله

هو أحمد بن الحسين، كنيته أبو الطيب ولقبه المتنبي . لقب بذلك لأنه - كما قيل - ادعى النبوة في الشام، أو لقوله : أنا في أمة تداركها الله غريب كصالح في ثمود ولد في الكوفة عام ٣٠٣هـ ( ٩١٥م ) من أبوين فقيرين، فقد كان أبوه سقاء. سافر وهو صغير إلى الشام، متنقلاً من البادية إلى الحاضرة . نال حظه من علوم اللغة والأدب، فأخذ يضرب في الأرض ابتغاء الرزق واكتساب المجد . ويمثل أبو الطيب الشعر العربي في أزهى قوته ونضجه الفني، كان المتنبي - منذ نشأته - كبير النفس، عالي الهمة، طموحاً.

وشعر المتنبي شغل الدنيا فحظي باهتمام كبير، لم يحظ به شاعر آخر. فقد كان النقاد واللغويون ينظرون في شعره مليا، فيظهرون معاني خفية لم تكن تخطر على بال المتنبي نفسه؛ مما جعله يقول عن أحد هؤلاء اللغويين الكبار : ( ابن جني أعلم بشعري منيه ، ولذلك فإنه ليس غريباً أن ينعت المتنبي بالشاعر العبقري الفذ، وليس غريبا أن يجمع النقاد على أن شعر المتنبي قد حمل صورا وتعبيرات جديدة لم تأت في شعر غيره من الشعراء السابقين أو المعاصرين له. وهذه الصور والتعبيرات كثيرة يكفي التمثيل لها بما يأتي :

ماكل ما يتمنى المرء يدركه تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام تريدين لقيان المعالي يسيرة ولا يد دون من إبر النحل وشعر المتنبي غني بالحكم. قال النقاد القدامي : المعري فيلسوف، والمتنبي حكيم. بدأت شهرة المتنبي مع اتصاله بأبي العشائر والي أنطاكية (١)، فأكرمه، ثم قدمه إلى سيف الدولة في حلب (۲)، مشيداً بمنزلته في الشعر والأدب، فضمه الأمير سيف الدولة إليه، وأمر بتعليمه الفروسية والطرد (۳) حتى لا يفارقه في الحرب والسلم. قال في سيف الدولة مدائح كثيرة، ومن ذلك قوله عند دخول رسول الروم عام ٣٤٣هـ :

دروع لملك الروم هذي الرسائل يرد بها عن نفسه ويشاغل أرى كل ذي ملك إليك مصيره كأنك بحر والملوك جداول لكن الأيام تتقلب، ولا تقف على حال، فقد حدث بعد ذلك - بين المتنبي وسيف الدولة جفاء بسبب الحساد والوشايات، ثم فارق المتنبي حلب إلى مصر عام ٣٤٦هـ ، وهناك أقام خمس سنوات، مدح فيها كافور الأخشيدي حاكم مصر.

بعد هذه المدة يئس المتنبي من أن يحظى بمجد في مصر، كما أن كافورا أوجس منه خيفة لتعاليه في شعره، وطموحه إلى الملك، فهجاه المتنبي قبل أن يتجه بغداد في قصيدته الدالية :

جود الرجال من الأيدي وجودهم من اللسان فلا كانوا ولا الجود إني نزلت بكذابين ضيفهم عن القرى (٤) وعن الترحال محدود أن قضى فترة في العراق سافر إلى أرجان وشيراز (٥) حيث قابل عضد الدولة. وفي طريق عودته إلى العراق وقع في كمين نصبه له فاتك الأسدي، لأن المتنبي كان قد هجاه، فدافع عن نفسه ببطولة، ومات ميتة المقاتلين الشجعان سنة ٣٥٤هـ ( ٩٦٥م ).

علم سيف الدولة أن الروم احتلوا ثغراً من ثغور الدولة المتاخمة لبلادهم يُسمى الحدث، فسارع إليه، ونزل به في جمادى الآخرة سنة ٣٤٣هـ، ونازل جيش الروم الذي يقوده الدمستق، وهزمهم، وقتل وأسر منهم خلقاً كثيراً، ثم أقام في هذا الشعر حتى فرغ من بنائه، وقد أنشده المتنبي - الذي كان يصحبه - هذه القصيدة التي يمدحه فيها، والتي اخترنا منها هذا النص، وهي من الطويل.

على قدر أهل العزم تأتي العزائم

وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتعظم في عين الصغير صغارها

وتصغر في عين العظيم العظائم

إذا كان ما تنويه فعلاً مضارعاً

مضى قبل أن تلقى عليه الجوازم

وكيف ترجي الروم والروس هدمها

وذا الطعن أساس لها ودعائم

أتوك يجرون الحديد كأنهم

سروا بجياد ما لهن قوائم

إذا برقوا لم تعرف البيض منهم

ثيابهم من مثلها والعمائم

خميس بشرق الأرض والغرب زحفه

وفي أذن الجوزاء منه زمــازم

تجمع فيه كل لسن وأمة

فما تفهم الحداث إلا التراجم

وقفت وما في الموت شك الواقف

كأنك في جفن الردى وهو نائم

تمر بك الأبطال كلمى هزيمة

ووجهك وضاح وتغرك باسم

ضممت جناحيهم على القلب ضمة

تموت الخوافي تحتها والقوادم

حقرت الردينيات حتى طرحتها

وحتى كأن السيف للرمح شائم

العزائم : جمع عزيمة، وهي ما يعزم عليه الإنسان، الأساس : جمع أساس وهو ما يبنى عليه، الدعائم : جمع دعامة وهي عماد البيت البيض: السيوف، الخميس: الجيش العظيم، الجوزاء : أنجم في السماء الزمازم : جمع زمزمة وهي الأصوات.

الشديدة التي لا تفهم لتداخلها، اللسن: اللغة، الحداث: جمع لا مفرد له من لفظه وهو بمعنى متحدث أو متكلم التراجم : جمع ترجمان، الجناحان : جانبا الجيش أي الميمنة والميسرة، الخوافي : أربع ريشات من جناحي الطائر تختفي عندما يضم الطائر جناحيه، القوادم : أربع ريشات في أول الجناحين الردينيات : الرماح وسميت كذلك لأنها منسوبة إلى امرأة باليمامة اسمها ردينة كانت هي وزوجها تصنعان الرماح.

يقول الشاعر : يأتي إنجاز الأمور على قدر طموح أصحابها وعلو هممهم؛ فالأمور الصغيرة تكون كبيرة في عين الإنسان صغير الطموح، والعكس، فإن الأمور العظيمة تبدو صغيرة هيئة في عين الإنسان الذي قدره وطموحه عظيمان.

ويخاطب الشاعر سيف الدولة قائلاً : إذا نويت أمراً فإنك تفعله وتحققه دون أن يحول حائل. إذ كيف ترجو الروم والروس هدم قلعتك في ثغر (1) الحدث ما دامت قد قامت على هذا الطعن والقتال الشجاع.

حمى الروم أجسامهم بالحديد هم وخيولهم، حتى إن هذه الخيول بدت بلا أرجل أو قوائم. وكانوا في منظرهم هذا يبرقون حتى لا يكاد الرائي يميز بين سيوفهم وما عليهم من حديد. كما كان جيشهم عرمرماً منتشراً في كل الأنحاء، حتى إن الأصوات المختلفة لجيشهم تصل إلى الجوزاء، واجتمع في هذا الجيش أناس من مختلف الطوائف والأجناس، فما يتفاهمون فيما بينهم إلا بواسطة مترجمين.

لقد وقفت يا سيف الدولة وقفة شجاع لاتخاف الموت، بل إنك قد كنت محاطاً بالموت. ورغم أن مرور الجرحى مهزومين يحبط المقاتل، إلا أن رؤيتك لهم لم تشن عزيمتك ولم تضعفها، بل كنت مشرق الوجه مبتسما واثقاً بنصر الله . لففت أطرافهم على وسطهم فأهلكت الجميع بقتل أولهم وتركت

الرماح وازدريتها، لأنها سلاح الجبناء تصيب العدو من بعد، واتخذت السيف أداة شجاعة تحتم الاقتراب من العدو بلا تهيب بدأ الشاعر بتمهيد ناجح لموضوعه وهو إنزال الهزيمة وطرد الروم من أحد ثغور الدولة، وقد قدم الجار والمجرور ( على قدر ) لأهمية قدر ذوي العزم وجعل ( العزائم والعظائم ) معرفة لأنه يود أن يقول : إنها مرتبطة ولصيقة بشخص سيف الدولة . يلتفت بعد ذلك إلى الهدف من الأبيات وهو مدح سيف الدولة، خير من يستحق المدح والإعجاب، فهو لا ينوي شيئا إلا نفذه ، كناية عن سرعة الإنجاز ( البيت الثالث ).

ويأتي تساؤله في البيت الرابع حاملاً يأس الروم والروس من إمكانية التعدي على جزء من أرض الإسلام مع هذا البأس الشديد لسيف الدولة. ويأتي التشبيه في البيت الخامس لتأكيد كثرة دروع الروم التي يظن الرائي أنها ستجعل جيش الروم ينتصر، ورغم ذلك فإنها لم تجد أمام سيف الدولة قائد حرت وتبددت.

وفي الأبيات السادس والسابع والثامن يؤكد هذه الكثرة والاحتشاد، لاحظ الصورة: « في أذن الجوزاء، كما لو كان للنجوم أذن، على سبيل الاستعارة المكنية. يلتفت الشاعر إلى الممدوح مرة أخرى التفاتة إعجاب شدید، دل عليه التشبيه الجميل كأنك في جفن الردى وهو نائم ) تعبيرا عن بسالة سيف الدولة غير المحدودة . وقال : ( جفن الردى ) تعبيرا عن أن الموت لم يكن بينه وبين سيف الدولة أي مسافة بل إن الموت كان محيطاً به. ويستمر إعجاب الشاعر بسيف الدولة حين يقول إن رؤيته للأبطال الجرحى لم تجعله يبتئس، بل ظل محتفظاً بمعنويته، بساماً، وضاح الوجه.

يرجع الشاعر - بعد ذلك - في البيت الثاني عشر إلى الخصوم ( الروم ) مستخدماً التشبيه التمثيلي، حين شبه سيف الدولة - يضغط ميمنة وميسرة الجيش على وسطه فيفنيهم بشخص يضغط على جناحي طائر فيتحطم ويهلك.

ويختتم الأبيات بصورتين جميلتين: الأولى حين صور إهمال الرماح من قبل سيف الدولة كما لو كان ازدراء، والثانية الاستعارة المكنية السيف للرمح شاتم.

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (1.7مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
هو أحمد بن الحسين، كنيته أبو الطيب ولقبه المتنبي . لقب بذلك لأنه - كما قيل - ادعى النبوة في الشام، أو لقوله : أنا في أمة تداركها الله غريب كصالح في ثمود ولد في الكوفة عام ٣٠٣هـ ( ٩١٥م ) من أبوين فقيرين، فقد كان أبوه سقاء. سافر وهو صغير إلى الشام، متنقلاً من البادية إلى الحاضرة . نال حظه من علوم اللغة والأدب، فأخذ يضرب في الأرض ابتغاء الرزق واكتساب المجد . ويمثل أبو الطيب الشعر العربي في أزهى قوته ونضجه الفني، كان المتنبي - منذ نشأته - كبير النفس، عالي الهمة، طموحاً.
0 تصويتات
بواسطة (1.7مليون نقاط)
أبيات في المدح أبو الطيب المتنبي مولده أصله نسبه قصة حياته كامله

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
1 إجابة
0 تصويتات
1 إجابة
سُئل نوفمبر 21، 2023 بواسطة srhelme (1.7مليون نقاط)
0 تصويتات
1 إجابة
0 تصويتات
1 إجابة
منصة موقع الصرح العلمي ثقافي تعليمي تربوي يسعي لأثراء المحتوي العربي وتنوير العقول العربية بالمعلومات الصحيحة والدقيقة، كل ذلك من خلال كادر الصرح العلمي التعليمي.
...